منتديات 22 مايو الرياضية
منتديات 22 مايو الرياضية
منتديات 22 مايو الرياضية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


هذا الموقع خاص بالكابتن فرج المفلحي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نواف التركي بين المضمر والمعلن في نص " الشوق غلاب "

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 168
تاريخ التسجيل : 25/03/2010
العمر : 33

نواف التركي بين المضمر والمعلن في نص " الشوق غلاب " Empty
مُساهمةموضوع: نواف التركي بين المضمر والمعلن في نص " الشوق غلاب "   نواف التركي بين المضمر والمعلن في نص " الشوق غلاب " I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 06, 2010 5:50 am

لعل أول ما يتبادر للذهن بعد الانتهاء من قراءة هذا النص هذا البيت العربي الشهير


حيث يحرك هذا النص الأحاسيس الراكدة , ويفجر الحياة في المشاعر النائمة , ويداعب الذائقة ويرفع من مستوى الاتصال الجمالي مع الحياة والشعر
الشعر في أبسط تعاريفه نسيج من الكلام , غير أن الإعجاب فيه يتطلب الاسترخاء الوثير , والاستسلام لدوامه كبيرة في مفهومها ضيقة في مضمونها , ألا وهي الصمت , وهذا ما يمكننا قوله مع شاعر اسمه نواف التركي
من خلال إطلاعي على نصوص الشاعر نواف التركي ألمح تدفقًا شعوريًّا يسيطر على شعره , حيث نراه يبلور هذا التدفق في جمل شعرية مختزلة يضعها في البيت أو البيتين , بينما تكون أبيات القصيدة الأخرى أشبه بالدعائم العضوية التي تقوي من حضور المشهد الشعري لديه , وتعمل على تكبير الصورة المختزلة عنده
والشعر مثل السديم الممتد في جميع الاتجاهات , نعيش فيه ولا يمكننا الإحاطة بأبعاده , وهذا ما نراه في نصوص عديدة قدمها عدد لا بأس به من الشعراء , ولم يكن الشاعر التركي بمنأى من هذه المعادلة الشعرية
حينما قال أبو تمام لخصومه الذين سألوه : لِمَ تقول ما لا يفهم ؟ , وذلك حينما رد عليهم : ولِمَ لا تفهمون ما يقال ؟ كانت هذه العبارة أول شرارات التأويل وضرورة التعامل مع النص من زوايا إيحائية أبعد من المرئي أو المشاهد للعيان , وهذا ما أشار إليه عبد القاهر الجرجاني في نظرية معنى المعنى , أي أن هناك شيء مضمر محتجب عن الأنظار والأفهام وهو الذي نعنيه بالإيحاء الشعري , غير أننا في هذه القراءة سنحاويل تأويل بعض هذا المضمر من أجل مد جسور التواصل بين المدرك والمتخيّل , المدرك من خلال الكلام المعلن الظاهر للعيان , والمتخيّل عن طريق ما يمكن فهمه واستجلائه من وراء الغيوم


يبدأ الخطاب الشعري من المجهول من خلال فعل الأمر " قل " والذي فاعله ضمير مستتر وجوبًا على الإطلاق , وهذا الخطاب حديث متصل مع المدى " السما " والتي تطرقنا لها في المدخل من خلال حديثنا عن السديم , فهذا الخطاب مع المجهول يستحضر المجهول ويستدعيه في النص , سواء من حيث كون المجهول الذي لا يمكن الإحاطة بأبعاده , أو المجهول الغائب وجوبًا , وهو فاعل فعل الأمر منتهيًا بالمجهول الذي ارتأى الشاعر إحضاره , لكن من خلال عدم التصريح باسمه أو الإشارة الواضحة إليه إلا عن طريق بعض الايماءات التي تتراءى كالسديم الممتد في الفضاء . وقد فسر الشاعر هذا الرفض " لا عاد تمطر حبايب " بأنه قد عانى ما عانى من طعنات أحبابه والمقربين إليه


يتواصل الحديث عن المضمر الغائب مع الشاعر , حيث تشكل الاستعارة التصريحية في هذا البيت , وللمعلومية أن الاستعارات التصريحية في الشعر النبطي تكاد أن تكون نادرة لأن الاعتماد في الغالب في هذا الجانب على الاستعارات المكنية , وهنا أحببت التنويه لهذه النقطة , وليس من عادتي فعل مثل هذه الأمور لأن قراءة الشعر قراءة بلاغية فيه تقنين للشعر باعتبار أن البلاغة علم يختص بجماليات اللغة والشعر فن من الفنون وإن وُضِع في مصاف العلم قلت فاعليته وفسد
الشاعر هنا أومأ إلى مشاعره من خلال قوله " جرد " باعتبار أن الذي جعل هذه المشاعر تنمو وتثمر وتكون أزهارًا يانعة هو ذلك الغائب الذي رحل عنه , معلنًا بعد ذلك عدم قبوله لغيره من الناس حينما قال " ما عاد يغريها الوسم تنبت أعشاب " موضحًا عدم قبوله بأحد سواه , وهو هنا يقابل الاستعارة التصريحية باستعارة تصريحية أخرى وكأنه في هذا الاستحضار الذهني غير المقصود في طبيعة الحال محاولة منه لخلق حالة من التوازن بين المضمر الموجود في الذاكرة الخاصة به كخالق لهذا النص , وبالمضمر الموجود في النص كذلك مع هذا الاعتماد الصريح على الاستعارة التصريحية من أجل إيجاد حالة من الاتزان بين المدرك والمتخيل


لهذا يختبئ الشاعر خلف هذا السؤال الإنكاري " وشلون يستأمن سكاكيـن الأجنـاب " محاولاً استحضار الفهم الواقعي للحياة لخلق حالة أخرى من التوازن بين المتخيل والمدرك أو بالأخرى لإيجاد حالة من الاتزان بين المضمر الموجود في الذاكرة والوجدان وبين المصاغ المعلن المعاش , وذلك من أجل تحفيز الوعي الظاهري لفهم ما يجري في المخزون الذهني , وفي هذا الكلام تناص تراثي مع البيت العربي الشهير


وهذا التناص تدعيم لروح النص ومد الجسور الذهنية بينه وبين المتخيل باعتبار أن هذا التناص له ارتباك بالمدرك الملموس كمفهوم إجتماعي واضح , مع العلم أن استحضاره لم يكن كمحاولة متمدة بقدر ما هو مضمر معرفي مختزل في الذاكرة الخاصة بالشاعر , غير أن المراد الحديث عنه أن هذا التناص المدرك بشكل جدلي جاء كنتيجة للمضمر الموجود في وجدان الشاعر وهو الإنسان الغائب عن عالمه , وذلك من خلال حالة توافقية بين ما هو كائن أي مدرك وبين ما هو مأمول أي متخيل


تتضح في هذا البيت رغبة الشاعر بالصمت وعدم الكلام " يا أحباب مالي بالحكـي والطلايـب " وأن الصمت خير من الكلام , فما دام الشعر نسيج من الكلام فإن الصمت كلام آخر لكنه أبلغ من المعلن , إنه كلام الإضمار وعدم الإفصاح عن مكنونات الصدور , فالصمت عيوننا التي ترسم لنا الأشياء بدقة , والشاعر هنا يحاول تفسير هذه الظاهرة بأن لم تعد فيه القدرة على تحمل كثرة العتاب " وما عاد فيني قلب يستحمـل عتـاب " لهذا يفضل الركون للصمت , وجعل الحديث حديث داخلي لديه , أي أنه يريد الانتقال من الكلام المعلن المسموع إلى لغة أخرى وكلام آخر أشد عمقًا , وأقوى تأثيرًا , وهو الكلام المضمر الصامت , باعتبار أن الصمت لغة جميلة لا يحسن الكثيرون العامل معها , لذا يريد الصمت ويرفض أي وجه من أوجه الكلام بما فيه اللوم والعتاب


تعتبر الأبيات الثلاثة هذه , وهي هذا البيت مع البيتين السابقين له ردة إنكفائية على الذات , حيث استخلص الشاعر هذه الأبيات للحديث بها عن نفسه ومحاولة تفريغ ما بها من شحنات , ولو حاولنا قراءة هذه الأبيات مجتمعة مرة أخرى


لوجدنا انتقال الشاعر في هذه الأبيات من لغة الإيحاء إلى لغة أقل منها , لغة تكاد أن تقترب من اللغة المباشرة , وكأنه يريد المكاشفة الصريحة مع الذات , فكانت هذه العبارة الشعرية الأشبه باللغة الجاهزة والتي تميل إلى عرض المضمون التصوري من الحياة والذات بطريقة قريبة من الحكمة , غير أنه مع ذلك حاول شعْرنة الحكمة ولم يعرضها بطريقة تقريرية جافة , حيث الحكمة المشعْرنة تتدرج في هذا السياق وتنتقل مع الشاعر بشكل تصاعدي خفيف , لأنه لا يريد الخروج عن جادة الشعر وركوب عالم النصح والإرشاد , ولا يحبذ هنا خلع رداء الشاعر ولبس عمامة الخطيب , لأن النص نص ذاتي لا نص موضوعي عام , نص شعري يعني الشاعر , خارج منه ويعود إليه , لكن مع هذا ارتفع سقف تعاطيه مع الحكمة لكنها كما قلنا لم تحد عن طريق الشعر حيث جاءت متوافقة مع الخط العام للنص رغم جنوح هذا البيت والبيتان السابقان له إلى عالم الحكم , ومن المعروف أن الاعتماد على الحكم في الشعر يقلل من قيمة القصيدة فنيًّا ويخفض من مستوى اللغة الشعرية في النص , باعتبار أن الحكم مسائل عقلية تعتمد على الأسلوب التقريري المباشر


الجنوح للصمت الذي لمسناه في الأبيات السابقة , نلمسه هنا لكن من خلال التعامل " ألد طرفي عـن بـروق السحايـب " وقوله " ألدّ طرفي " أي أدير ناظري " عن بروق السحايب " أي عن كل ما يغري بالحياة والتطلع إلى المستقبل , ومغلقًا قلبه عن أي حب جديد " عن كل ما يغري بي قلوب الأغراب " وذلك أنه بحاجة للجلوس مع الذات ومحاسبة النفس والتفكير في شؤونه , وهنا ينتقل من صمت الكلام إلى صمت الفعل , وهو الصمت المعتمد على التأمل لحاجته إلى التخاطب مع نفسه بكلام آخر وهو ما سنراه فيما بعد , وذلك حينما نقف على البيتين الأخيرين من هذه القصيدة


لا بد من الرجوع للبيت الأول وهو البيت الذي ابتدأه الشاعر بفعل أمر وفاعل مضمر وجوبًا , حيث قال فيه الشاعر


وها هنا تتكرر نفس الحالة , وتتسع دائرة الحديث , أو بالأحرى تكون أكثر وضوحًا , وتنتقل من كلام بسيط " قل " إلى كلام دقيق وواضح " غن " مع وجود عنصر الإضمار الموجب دائمًا مع فاعل أفعال الأمر , وهنا يعلن الشاعر التمرد على عدم الكلام , حيث إنه بدأ بالأخير بلملمة نفسه , ففي البيت الأول من القصيدة يعلن الشاعر رفضه لكل شيء بسبب أنه قد قاسى من أحبابه ما قاساه بينما في هذا البيت يريد الطرب والتطريب لمعالجة الجروح والتي وصفها بقوله " جروح الزمان العطايب " متمنيًا العيش بسلام وهدوء " ولا عاد تسألني على كل من غـاب " كمحاولة منه لقطع كل صلة له بالماضي والأحباب بعد ذلك


الأسلوب الشرطي يقوي علاقة الشاعر بالحدث الحاصل , ويمنح اللغة الشعرية لديه قدرة توافقية مع الشعر , وهذا ما حصل للشاعر نواف التركي هنا في هذا البيت الذي بدأه الشاعر بهذه الجملة الشرطية الممتدة على مدار البيت , حيث بدأه بالحرف الشرطي " إن " ثم أتبعه بفعل الشرط " عنّت " وفي بداية الشطر الثاني جاء الجواب " سكّر " معللاً سبب هذا الجواب " ترى الشوق غلاب " , وهنا يكون هذا البيت الأخير أشبه بالسقف الذي ظلل فيه الشاعر قصيدته وأحكم إغلاقها فيه , وفي هذا الإحكام إعلان برغبته ببدء حياة من الصمت الطويل , وهو صمت عن الحب لا عن الغناء والشعر , حيث قال في آخر هذا الكلام " نرى الشوق غلاّب "
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almflhi.yoo7.com
 
نواف التركي بين المضمر والمعلن في نص " الشوق غلاب "
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات 22 مايو الرياضية :: المنتديات الأدبيه :: قسم النقد و المقال و الصحافة-
انتقل الى: