هو
النسيم العليل
لمن أراد أن يتجوّل بين جنبات دوحته الغنّاء
التي لا يمكن إلا وأن تنثر عبيرها الفوّاح بأطايب الكلم لنا وللأجيال من بعدنا لنسعد برقّة حروفها , ونشدو مع عذوبة رقتها أجمل سيمفونية عزف على أوتارها أهل الهوى النظيف والحب ّ.
و مما اخترته لكم ما نثره لنا فارس القلم, وأمير البيان واللسان
مصطفى صادق الرافعي
من كتابه " أوراق الورد "
وزدت أنك أنت
تالله لو جددوا للبدر تسمية = لأعطي اسمك يا من تعشق المقل
كلاكما الحسن فتاناً بصورته = وزدت أنك أنت الحب والغزل
وزدت يا حبيبتي أنكِ أنتِ
وفي نظرات عينيك الساحرتين أرى لمحات منبثة من الإرادة المسيطرة وراء الأشياء , تفعل مثل فعلها الجبار وراء عواطفي .
واليقين الذي دليله الإيمان والتسليم , أحسه إحساساً في نظري إليك وفي نظرك إليّ , كأني أتحول معك إلى إقرار .
والمعنى العجيب الذي يفتن فتنته درية اللؤلؤة الثمينة , ويسحر سحراً نورانياً في الماسة الكريمة النادرة , هو بفتنته وسحره في نسويتك الجذابة , غير أنه اتخذ من أشياء الطبيعة أبدع ما ينظر فيه , واتخذ منك أنت أجمل ما يعقل فيه .
ولو ولد النور لكان وجهك الجميل المشرق , ولو ولدت الكهرباء التي هي سرّ النور لكانت أسرار عينيك , ولو توّلدت القوة التي هي سرّ الكهرباء لكانت فتنة حبك , وكل المعاني التي في نفسي لا تتخذ صورها إلا منك لأنك بجملتك تمثال الشعر .
وفيك المعاني التي تقول : أين كلماتي ؟.
وفيّ أنا الكلمات التي تقول : أنت معاني !..
*****
في نفسي عالم أحلام من خلق عينيكِ الذابلتين ..
وفي نفسك عالم أسرار من خلق أفكاري المعذّبة .
خرجنا كلانا للحب والجمال من حدّ الإنسان إلى حدّ العالم .
وتحوّلنا كلانا بالهوى من حالة شخص إلى حالة عقل .
كيف تجدين ما في وإنك لتعلمين أنك في ؟.
أما أنا فأجد كل ما فيك حلواً حلواً لأنّ طعمه حلو في قلبي !
*****
أنت وحدك أذقتني نشوة الظمأ إلى الأسرار القلبية , بما ذقته من لذّة ظمئي إليك ولهفته . وأريتني جمال الشعر في خيالاتي العطشى الحائمة أبداً على نهر النور من جسمك , وعلى ذلك النبع الأحمر الصغير , نبع الياقوت المتفجّر دائماً بابتسامة شفتيك , وجعلتني من وحي جمالك المتنزّل على قلبي أشعر أن هذا الجمال السماوي أنشأ فيّ صفة ملائكية ترفعني فوق إنسانيتي .
بهذه الصفة أراك في بعض ساعات قلبي تظهرين لي وكأنه سراً من الكون يتجلى بك ويقول لي من عينيك : المسني وانظرني فيها ...!
سرّ هادئ ناعم يتناثر في ألحاظك ألين من تنفس رشاش الأمواج المتطاير إلى بعيد : يكون كالهباء من البحر ومع ذلك فهو أثر قوته وجبروته .
فيك يا حبيبتي من أبدع محاسن الكون , وزدت أنك أنت الحب ...!